المفارقة الامريكية وأنعكاسات بواطن العم سام.

أدت المفارقة الامريكية في حروبها المباشرة الي
* تقلص الهنود الحمر من 20 مليون الي 200 الف
* 135 الف قتيل جراء قصف مدينة دريسدن الالمانية
* 160 الف قتيل في هيروشيما وعدد مماثل في نجازاكي
* 4 ملاين قتيل وجريح في فيتنان
* 700 الف قتيل منهم 500 الف طفل في حرب الخليج الاولي
* 600 الف قتيل حتي الان في غزو العراق

واعداد مماثلة في حروب شنت بالوكالة

في مقال سابق تحدثا عن نظرية اومقولة الفوضي الخلاقة الامريكية الصنع والمنشأ، وقلنا مع التشديد انها لاتعد ان تكون مجرد واجهه تستخدم لتبرير الدمار الذي يلحق بالاخرين جراء سعي الولايات المتحدة المحموم لتحقيق مصالحها، ومن جانب اخرللتغطية علي سلوكها والذي تحركة بالاساس القاعدة الميكافيلية الغاية تبرر الوسيلة والتي تتناقض مع روح العصر وشعاراتة عن الحرية وحقوق الانسان، فلا يستقيم عقلا ان اثارة الفوضي امر ضروري لميلاد النظام والعدل.
وفي حديثنا ذاك توقعنا من جراء ماخبرناه من سيايات الولايات المتحدة ان يكون الشريط الممتد من القرن الافريقي مرورا بالسودان فتشاد حتي النيجر بقعة لصراع عالمي جديد تقودة الولايات المتحدة لخدمة مصالحها مثل تقليص النفوذ الفرنسي والبريطاني في المنطقة لابتلاعها امريكيا فهي امبراطوريات اصبحت اضعف من ان تقود العالم، ومن جهة اخري السيطرة علي منطقة اصبحت معروفة بغناها من النفط والمعادن الثمينة مثل اليورانيوم.
ولم تمهلنا الاحداث طويلا علي هذه التوقعات حتي حملت وسائل الاعلام تباشير السياسات الامريكية في المنطقة، فمن زيادة وتيرة الاقتتال في دارفور وتدويل الازمة اكثر فاكثر وظهور تمردات قوية ونشوب حرب في تشاد و طرد القبائل العربية من النيجر كمقدمة لحرب اهلية بثوب عرقي الي الظهور المفاجئ للمحاكم الاسلامية في الصومال يبتلع البلاد ابتلاعا ثم ولاسباب غير معروفه تتدخل اثيوبيا لتذكي نيران الحرب في القرن الافريقي وتجعل باب التدخلات الخارجية مفتوحا علي مصراعية، هذه الحرب التي اتفق الجميع علي انها حرب بالوكالة واختلفوا في كنه الوكيل المحاكم ام اثيوبيا.
واذا كانت كل الطرق تؤدي الي روما فأن كل خيوط الازمات العالمية تقود الي البيت الابيض، فسياسة اشعال حروب تبعد الاف الكيلومترات عن اراضي الولايات المتحدة وتنصيب حكام موالين وعزل اخرين مناوئين او استنفذت مهامهم هنا وهناك، استراتيجية اساسية لها وفلسفة اصيلة في كيفية تحقيق مصالحها من خلال السيطرة والتوسع الشئ الذي جعلها تؤمن ان مثل هذه السياسات امر يتعلق بامنها القومي مباشرة وهذا ليس بخفي أوجديد حيث يمكن رصدة بسهولة للمدقق علي مر التاريخ الامريكي ، وهذا ايضا يفسر تغير الادارات الامريكية دون تغير يذكر في السياسات الخارجية فالمتغير الوحيد هو كيفية التطبيق، او كماقال قائد البحرية الامريكية الاسبق علي سبيل المثال اي.ام. جري عام1990 (ان نهاية الحرب الباردة ستعيد بلورة اتجاهاتنا وتوجية سياساتنا الامنية في الخارج فقط لكن دون تغيير الاساسيات)، بل ان الامر يتعدي أكثر من ذلك بحيث يمكننا ان نقول ان هذا السلوك شئ مرتبط اساسا بكيفية تشأتها كدولة فمنذ هبوط اول المستوطنين علي القارة الامريكية كان التوسع الدموي والامحدود علي حساب السكان الاصليين المبدأ الاساسي الذي يحرك كل الامورحتي بات واجبا وطنيا في ذلك الزمان أو كما قال جورج كينان (كانت حماية مواردنا الطبيعية اساسية منذ ان هددت القبائل الهندية مصالحنا...) فمن يهدد من؟ وهذا بالطبع خلاف التوسع بمفهومة الطبيعي والسلمي لحضارة فتيه في يدها تغير مجريات التاريخ.
وبالتالي اصبحت الذهنية القائدة في الولايات المتحدة غير قادرة علي تخيل استمرار الدولة الامريكية دون وجود عدو ما حتي ولوتطلب الامر خلق هذا العدو، وهذا مايدفعنا بالقول ان حديث هنتجتون عن صراع الحضارات بضاعة امريكية قديمة وليست بالشئ الجديد عليها كما يظن البعض، والادلة علي ذلك كثيرة فمثلا يقول ودرو ولسون احد رؤساء الولايات المتحدة اوائل القرن العشرين (بما ان التجارة لا تعرف حدودا قومية وبما ان المنتج يحتاج الي العالم ليصبح بأجمعه سوقة التجاري فلابد اذن من ان يسبقة علم بلادة ..... ولابد ان يحمي رجال الدولة الامتيازات التي يحصل عليها رجال المال حتي ولو ادي ذلك الي تدمير سيادة الامم التي تحاول التصدي لذلك) وبالتالي ولكي يتحقق هدف التوسع ذلك وتستمر الدولة في الحياة كان لابد من توفير الذرائع للتغطية والمتمثلة في ايجاد اعداء علي الدوام ويعبر بول نيتز عن ذلك صراحة في المزكرة السياسية لمجلس الامن القومي عام 1948 (أن الولايات المتحدة تملك لاشك قوة عالمية، لذلك وجب نصب عدو شامل وتحويلة الي شيطان بطريقة تبرر اي تدخل أو اعتداء من قبل الولايات المتحدة واعتبارة ردفعل دفاعيا لتهديد شامل تعرضت له مسبقا، دفع بها لاتخاز هذا القرار) ، اليس هذا بالضبط ما جري و يجري الان؟ وتحدث عنه هنتجتون؟ فقط كل مافعله هو اعلان الاسلام شيطانا جديدا يجب ان يحارب بعد ان سقط الاتحاد السوفييتي، كعدو جديد يمنح امريكا مبرر جديد للسيطرة والاستمرار في الحياة، فبالمفهوم الامريكي لاتعني الحياة سوي التوسع والسيطرة علي كل شئ ويمكن لمس ذلك ايضا في الكتابات الامريكية الحديثة فمجلة Foreign Policy الامريكية في عددها ديسمبر2006 كتب احدهم ردا علي منتقد لسياسات الولايات المتحدة في العراق قائلا (...اكثر المصالح القومية حيوية هو امن السكان المحليين ،الاتعني حقيقة ان معظم قتلي الارهاب منذ 2003 كانوا فيما وراء البحارأن المكلفين بحماية ارض الوطن يجب ان يمتدحوا).
وبالتالي فأن الولايات المتحدة الامريكية كأمبراطورية وبأختصار تمثل وبحق نموزجا فريدا في التاريخ الانساني ، وليس ذلك بفوارق الامكانيات أوالانجازات أوحتي مدي الاتساع مقارنة بالامبراطوريات في التاريخ، فهذي مقايس تخضع لعوامل الزمان والمكان والظرف التاريخي، انما يكمن تفردها في الاسس الفكرية التي تقوم عليها، خاصة تلك المتعلقة بالنظرة الي الاخر، فهي لاتري فيه غير العدو والشيطان والمارق والشر الاكبر، الذي لايمثل عدوا بقدرما يمثل مصدرللحياة والاستمرار فيها، فبالفلسفة الامريكية اذا اردت الحياة فيجب ان تسيطر وتتوسع، وان شئت ذلك فيجب ان يكون لك اعداء اليست تلك بمفارقة؟ .. نعم انها المفارقة الامريكية
.

تعليقات

المشاركات الشائعة