هل تعلمنا الهزائم الكروية استثمار الحزن
مر السودان ويمر بكثير من النكبات والمحن ، الي درجة تحولنا معها الي شعب مصاب بالذهول الدائم والذي ومن جراء توالي هذه المحن تحول هذا الذهول بدوره الي شئ من اللامبالة ترفع شعار (تجي زي ما تجي). والمتفزلقين والمتحزلقين يفسرون ما يحدث لهذا الشعب بأنه شئ من ميكانيزمات الدفاع النفسي ، فلكي لاتصاب بأنهيار عصبي من جراء مايحدث من حولك من عجائب أتخذ من اللامبالة درعا واقيا وكما يقال بالعامية (دي من طين ودي من عجين)، وحجتهم ان كثيرا من الشعوب الاخري تتخذ اساليب مشابهه فالشعب المصري مثلا يقاوم المعانة بالنكتة.
الا انني رغم كل النكسات والاحباطات وتنظيرات المتحزلقين تلك اري ان هناك شعبا لازال ينبض ، ودليلي علي هذا حالة الحزن الجارف الذي اجتاحت كل الشارع بعد هزيمة المريخ الكروية الثقيلة امام غريمه التونسي ، ثم من بعد الفوز الباهر لفريق النجم الساحلي التونسي علي الاهلي المصري المكانة التي كنا نحلم بها للهلال السوداني.
وعلي مايبدو فان الحزن يسيطر علينا حين نكون وجهة لوجه امام الحقيقة المرة اي كان سببها، فكم ياترا يتولد من حزن عندما يكون اب في مقابل حقيقة عجزه عن الايفاء بمتطلبات اسرته. اوذاك الذي بين يوم وليله يواجه حقيقة تحوله للاجئ دون مسكن ولاممتلكات نتيجة حرب هوجاء طائشة، اوهذا الذي يقف وحيدا امام حقيقة فقدان القيمة نتيجة البطالة وغيره يتمرغ في رغد العيش من عمل طفيلي هدام.
والحزن لايتوقف عند هذا الحد، بل يتطور سالكا احد طريقين الحقد اوالثورة. وطريق الحقد يسلك بدورة اما طريق الفساد والافساد ، اوالتبلد والامبالة وهذا الاخير اضعف الاحتمالين. والثورة طريقين اما هدم المعبد علي الجميع اوطريق التغير الايجابي الشامل.
وعلي هذا فأن اهل دارفور اكثر حزنا لانهم اكثر مواجهة لحقيقة الحرب ، والوحدويون اعمق حزنا لمواحهتهم اكثر لوجه الانفصال الذي يطل علينا صباح مساء، والعاطلين لمواجهتم حقيقة عجزهم وضياع احلامهم وهكذا.
وهزيمة المريخ الداوية والمستوي الرفيع لمباراة الاهلي والنجم التونسي ، التي كنا نحلم بأن يكون الهلال احد اطرافها ، اشياء اصابت الشارع السوداني كله بالحزن فوحدتة حين جعلته في مواجهة حقيقة تخلفة وضياعة وفوضوية حياته للفارق الكبير الذي اكتشفناه بيننا وبين اقرب الدول لنا. بأختصار كلما كنا في مواجهة حقيقتنا الماساوية، كلما اصابنا الحزن والانكسار ، ولكن هل ينتهي الامر بذلك؟ لا ان التاريخ يقول عكس هذا.
فاليابان والمانيا استثمرتا الحزن بعد الحرب العالمية الاولي فاصبحتا علي ماهم عليه اليوم ، وامريكا استثمرت الحزن بعد بيرهاربر وحولته نصرا علي اليابان في القرن الماضي. ومصر استثمرت الحزن وحطمت جدار بارليف ، ويوميا يستثمر شعبنا الماضل في فلسطين المحتلة الحزن ويولد به مقاومة يومية لاتلين. وفي عصر السوق الذي نعيش كل شئ يمكن استثمارة فلماذا لانستثمر هزائمنا الكروية التي وحدتنا كمثل بسيط وننهي العمل في المدينة الرياضية التي قارب عمر انشائها مدة بناء الهرم الاكبر هرم خوفو؟! ان استثمار الحزن يحتاج لعزيمة وارادة صادقة ووطنية فكيف السبيل.
تعليقات