في اي نشاط تفضل استثمار اموالك
الكثير منا ينظر بعين الاعجاب للحركة الاستثمارية النشطة في الخليج العربي ويصفه بأنه نموذج هونج كونج العرب، والكثير ايضا فرح بالارتفاع المستمر في اسعار البترول والذي سوف يضاعف ثرواتنا الي اقصي الحدود. والجميع في خضم هذا لايري الامور علي حقيقتها فكل ذلك لايعني شيئا اذا ما قورن بمدي ما يؤمنه من مستقبل للاجيال القادمة من حيث تحويل المنطقة برمتها من اقتصاديات انتاج المواد الخام ومجتمعات للاستهلاك المرضي المحموم لكل شئ، الي اقتصاديان الصناعة والتصنيع والاكتفاء الذاتي من العذاء. وهذا ليس بحلم بل ضرورة يمليها الواقع علي الدول العربية مجتمعة والتي بلغت فيها الفجوة الغذائية 20 مليار دولار طبقا لتقديرات مجلس الوحدة الاقتصادية العربية عام 2001 وتزداد تبعا للمصدر نفسه بواقع 3% سنويا.
وعدم رؤية هذه الحقيقة يمكن استجلائه بوضوح في الميل العام سواء علي مستوي الدول اوالافراد نحو الاستثمار في مجالات تعد كمالية مقارنه باحتياجات الواقع الفعلية سواء اكانت انية اومستقبلية. فعلي الموقع الالكتروني التابع لها اجرت قناة الجزيرة الاخبارية استطلاعا بعنوان (في اي نشاط تفضل استثمار اموالك) فضل 10.1% الاستثمار في البورصات، و5.7% في البنوك، و12.7 في الصناعة، و9.4% في الزراعة، و24.5% في التجارة،و37.7% في العقارات.
فمن هذا المؤشر البسيط يمكننا ان نقول ان اتجاهات الاستثمار العربي يغيب عنها التوجة الاستراتيجي بشكل كبير، فرغم الارباح الطائلة لقطاع مثل العقارات (ارباح شركة اعمار العقارية خلال التسعة شهور الاولي من هذا العام بلغت 12.537 مليار درهم اماراتي) الا انه لايأسس بحال لقاعدة مستقبلية صلبه لانه ببساطة قطاع غير انتاجي لايوفر ناهيك عن المتطلبات الاساسية، اي فرص عمل جديدة طويلة الاجل في دول بلغ عدد العاطلين عن العمل فيها قبل خمسة سنوات ما يقارب ال 18 مليون نسمة من مجموع القوى العاملة البالغة حين ذاك 98 مليون نسمة.
وقول ان الاستثمارات العربية بهذا الشكل في معظمها تخص الدول الغنية لما تملكه من فائض ثروة، وان هذه الدول نفسها انشأت من الصناديق العديد لدعم الاستثمار في الدول الفقيرة لايغير من الامر شيئا اذا ما كنا نتحدث عن المستقبل، لان لامستقبل لكل هذه الدول غنيها وفقيرها بغير التحول الي الانتاج ، وما حدث لايعد شئ اذا ماقورن بحجم الاستثمار العربي في الخارج والذي بلغ ما بين 800 و2400 مليار دولار مع العلم ان الديون الداخلية والخارجية بلغت حوالي 560 مليار دولار اي ان حجم الاستثمارات العربية الخارجية لاتسدد الدين العربي وحسب بل انها كفيلة بتغير وجه الحياة في كل دوله مجتمعة.
ولنكون اكثر واقعية، فانه يجب ان نعرف انه اذا ما اردنا ان نحول الميل العام الاستثماري الي الاستثمار في المتطلبات الحقيقية والمستقبلية فان الخطوة الاولي هي فتح الاستثمار الداخلي بين الدول العربية وجعل ذلك جاذبا بهدم كل العوائق التي تقف في طريقه، فما الذي يجعل مستثمرا عربي يضخ اموال في بلد كالسودان غني بكل معني الكلمة الا انه يفتقد للبنيات التحتية أوكبلد مثل الصومال حتي الان لاتوجد به حكومة مركزية توفر له الاستقرار والامان. بأختصار لازالت الكرة في ملعب الحكومات والدول رغم سياسات الخصخصة وتحرير الاسواق التي هي بشكلها الحالي لايمكن وصفها بغير انها تملص من المسؤولية.
تعليقات
و عقبالنا يا رب
بس مظنش
لازلت مؤمنا بأن المصير واحد وان التقدم المنشود يبدا بالاساس من التكامل الاقتصادي لذلك قلت ان المهمة مهمة الحكومات والقطاع العام بالدرجة الاولي وحتي عقبالنا هذه لايمكن ان تحدث بغير التكامل الاقتصادي بين هذه الدول.
تعرفت الى مدونتك بالصدفة
اعتقد ان العرب وكل راس المال يميل الى الاستثمار فى المجالات المضمونة التى تضمن سرعة فى دروان راس المال وتحقق عوائد مضمون، مجال الخدمات والبورصة وما تفضلت بذكره
انا مع الاستثمار الذى يحقق انتاجا حقيقى وفرص عمل
تحياتى لك
نعم التحول الي الانتاج الحقيقي هو الضامن الوحيد لمستقبل مبني علي اسس متينه اما مايحدث الان فما هو الا استثمار طفيلي هش سرعان ما سيذهب ادراج الرياح بمجرد انتهاء البتروا كقوة محركة لاقتصاد المنطقة بالضبط كما حدث للاقتصاد السوداني بعد تدهور اسعار القطن.
لك تحياتي.
فالسودان مثلا بقليل من الأموال العربيه التي تودع في البنوك الأمريكيه من الممكن تحويله إلى سلة غذاء العلم العربي كله ولكن لن يقوم العرب بهذا وهذا لا علاقه له بوجوده بنيه تحتيه من عدمها بل بسبب أن العرب فقدوا حتى القدره على الحلم فالعربي لن يثتثمر ماله إلأ إذا كان متأكد أن المردود سريع
تحياتي لك من الشطر الأخر من أرض النوبه
ما قلته صحيح ولكن النتيجة الاخيرة هنا اننا لازلنا محتاجين للدولة سميها المركزية في ادارة التنمية والتي يريدون انهاء هذا الدور بسياسات الخصخصة