حديث في العلمانية


*
ماذا تعني العلمانية؟ فصل الدين عن الدولة؟ ولكن قبل كل هذا ما هي الدولة ذاتها؟

**

قطعة من الارض يقطنها مجموعة من الناس تجمعهم خصائص واحدة اومصالح مشتركة تعاقدوا فيما بينهم علي العيش سويا تحت ظل هذه الدولة

*


اي انه لادولة بلاشعب والعكس صحيح؟

**


نعم فأينما وجد المجتمع البشري يوجد شكل من اشكال الدولة من ابسطها الي الاكثر تعقيدا ،فحتي النظرية الصهيونية لاتستطيع ان تقنعنا بأن فلسطين دولة بلا شعب لشعب بلا ارض

*


كأنك تقول ان النظام السياسي والدولة شئ واحد؟

**

لم اقل هذا بالضبط ، ولكن أن كان ظهور الدولة مهما كان شكلها امرا متلازما وحتمي مع المجموعات البشرية اينما وجدت فهي بذلك الشكل الاداري المتفق عليه بينهم لادارة شؤون المجموعة وكذلك النظام السياسي


*


اذن ومن جانب اخر انت تقول ان الدولة ضرورة طبيعية تفرضها طبيعة البشر التي تحتم اللا يستطيعوا العيش الا في جماعات

**


نعم ولذلك فعندما تكون الدولة ليست نابعة من الشعب وللشعب تكون منفصلة عنه ، أو قل كيانا غير طبيعي مصيرة الوحيد الفناء لانه كيان لايمكنه التطور وبالتالي مجارات صيرورة التاريخ

*


ولكن قل لي اذا كانت الدولة كيانا طبيعيا حين تكون من الشعب وللشعب ، فهذا يعني انها تحمل صفاته ومقوماته، والاديان ليست فقط معتقدات بل مكونات ثقافية اصيلة ، للشعوب فكيف اذن نفصل الدين عن الدولة اذا كان هو احد مرتكزاتها ومقوماتها ، فالعلمانية بهذا الشكل احد المسببات التي تجعل من الدولة كيانا غير طبيعي لانه فصل في احد جوانبه من الشعب

**
أذا كانت الدولة هي نتاج طبيعي متلازم مع وجود الشعب فهاذا لايمنع ان شكلها هو نتاج تعاقد افراد الشعب علي هذا الشكل. اي ان الدولة موجودة موجودة في كل الاحوال بحكم الطبيعة ولكن هيأتها محل اتفاق واختيار اتكون دينية اوملكية اوديمقراطية هذا شئ متروك للاتفاق.

*

هذا مفهوم ولكنني اتحدث عن الدولة العلمانية ، فهي دولة تقطع الصلة بينها وبين الدين أوبشكل اكثر وضوحا وتحديدا بينها وبين مصدر اخلاقي متفق عليه من الجميع.

**

ولكن الدين ليس اخلاق فقط فهناك معتقدات وعبادات فما دخل هذا بالسياسة؟


*
والدين يحتوي كذلك علي تشريعات اليس لهذا علاقة بالدولة؟

**

نعم التشريعات لها دخل بالدولة ، فلاتوجد دولة دون قوانين ، ولكن ماذا تفعل اذا ما حوت الدولة مواطنين يدينون باكثر من دين ربط بهذا الشكل قد يخلخل الاتفاق التعاقدي للدولة!


*
عدنا للمربع الاول انت تريد ان تفصل بين اشياء لايمكن الفصل بينها


**
اعتقد ان هناك خلط نحن نتحدث عن فصل الدين عن الدولة ام عن السياسة؟.


*

ليس هناك فرق


**
لا هناك فرق كبير ، والخلط في اعتقادي ناتج من عدم تمييزنا لمناطق التداخل بين كل من السياسة والدولة والدين ، فأن كانت السياسة مجالها الدولة لتصريف شؤونها فان الدولة التي تقوم سياستها علي اخلاق فاسدة تكون بالضرورة فاسده والدين هو اهم واسمي مصادر الاخلاق في الدولة والتي تلهم السياسي المتدبر في امورها الطريق الصحيح والاخلاقي وفي هذه الحالة فمهما كان عدد الاديان الداخلة في معتقد الشعب وبالتالي في تكوين الدولة ليست ميدان صراع لانها كلها تقوم بهذا الدور.

*

واين الفصل اذن


**
الفصل في كون الدولة في احد وجوهها جهاز تنفيذي لارادة الشعب وبالتالي فأن السياسي حين يتسلم مقاليد السلطة يكون مجرد موظف مهمته تنفيذ هذه الارادة اما في حالة مزج السياسة بالدين فان هذا يؤثر سلبا علي اداء الدولة لانه حتما سيعطي افضلية لدين علي اخر بل انه سيخلق صراعا داخليا بين معتنقي الدين الواحد لان التجربة اثبتت ان هناك رؤي متباينه حتي داخل الدين الواحد اذن لماذا ندخل انفسنا في صراعات يمكن تجنبها. ثم وان كان السياسي هو مجرد موظف لتطبيق ارادة الشعب ، فما الفارق في ان يكون مسلما او مسيحيا

*

اذن انت تنادي بفصل الدين عن السياسة وليس الدولة

**


بالضبط لان فصل الدين عن الدولة عمليا غير ممكن ومضر في ان واحد ، وقد يولد نوعا من التطرف اللاديني من قبل علمانية غير واقعية كما يحدث في تركيا الان من جينيرالات الجيش الشئ الذي وبالضرورة سيولد تطرف دينيا موازيا

*
ولكن هذا يولد المزيد من التساؤلات أفليس ما ذهبت اليه يمثل تناقدا مع مفهوم الديمقراطية ، ومن جانب اخر ماذا تقصد بقولك الدولة كائن حي؟ ماذا تقصد

**
هذا امر نناقشه لاحقا

تعليقات

المشاركات الشائعة