السودان دولة موحدة أوالفناء
رب قائل من صيغة العنوان انه اعلان بالحرب في حال انفصل الجنوب او اي بقعة اخري عن السودان، الا أن الامر مختلف تماما عن ذلك فعصر الحروب من اجل سلطة ما او فرد اوطبقة أوحزب بالتجربة اصبح شئ اقرب للانتحار. كل ما في الموضوع اننا نريد فقط الاشارة الي أن السودان كدولة واحدة هو الحل الامثل والخيار الاكثر امنا في هذه الفترة من التاريخ العالمي للبشرية وللاجيال القادمة.وعليه وبكل ثقة يمكننا ان نعلن أن بقاء السودان دولة موحدة هو خيار استراتيجي لامناص منه، وما دون ذلك ما هو الا قصر نظر يصل حد العماء الكامل اوعمالة مفرطة لاجندات خارجية.
ولا يعني ذلك ايضا نفينا لحق تقرير المصير فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر بالوحدة، ولكن حين يصبح خيار الانفصال لا بل التمزق هو الاكثر جاذبية في ظل حق تقرير المصير كمبداء نؤمن وننادي به، يكون العمل من اجل الوحدة فرض عين.
والمحزن أن صوت الوحدة هو من اكثر الاصوات خفوتا علي المستوي السياسي والاجتماعي، فهو لايجد الدعم من الماضي حين يبحث في ثناياه سواء في فترات حكم الاحزاب او العسكر علي طول عمر الدولة السودانية، ولا في الحاضر بكل اخفاقاته وعثراته، وبالتالي باتت قوة اقناعة للجماهير باستراتيجية الوحدة اضعف ما يكون اوشبه معدومة. ومما زاد الطين بله ان اصوات الوحدة نفسها اما فردية اومشتته لاجامع لها، او ان الحديث عنها يتم بناء علي مزايدات سياسية لاأكثر ولا أقل. ثم اخذ هذا الصوت بالخفوت اكثر مع تصاعد العمليات العسكرية في تسعينيات القرن المنصرم وبعد ان أقحم الدين طرفا في الصراع، حتي اصبح الحديث عن الوحدة شئ اشبه بالهزيان عقب احداث العنف التي تلت مصرع الدكتور جون قرانق.
لا بل اصبح الحديث عن الانفصال جهارا وانبرت له منابر تدعوا له وتروج، ففي الشمال ارتفعت اصوات الانفصال، دون أن ترينا اي شمال ذلك الذي يريدون فصله فالحديث عن شمال موحد اصبح لايملك اي معني في ظل التمردات في الغرب والشرق وتململ اهل الشمالية الواضح من احوالهم كأقليم قد تكون احداث سد كجبارابرز تجلياته حتي الان. وهذا الوضع من جانب اخراسقط كثيرا من مسلمات السياسة السودانية من قبيل ان اصل الصراع في السودان هوصراع يقوم علي اسس دينية وعرقية، يمكن حله اما بانتصار عرق علي اخر اوسيادة دين من الاديان، اوبلانفصال. فاسلامية الغرب لم تشفع في ذلك وانفجر التمرد حتي اصبح قضية دولية، وعروبة الشرق لم تكبح هي الاخر الخروج عن المركز. وبالتالي لم يعد عمليا فصل الشمال عن الجنوب امرا ممكننا لانه سيقود في الاغلب الي انفصالات متتالية وعنقودية. وبالتالي ايضا لم يعد الحديث عن صراع شمال – جنوب ذو معني بعد أن اتضح أن الازمة تجاوزت الاقليمية لتصبح أزمة دولة بأكملها.
أما بالنسبة لاصوات الانفصال في الجنوب، فعامل الحرب الذي كان موحدا للجنوب تلاشي ليكشف ان الجنوب نفسه غير موحد، فالسلطة الان في يد الحركة الشعبية الطرف الذي حارب لاكثر من عقدين وتحول من حركة تدعوا لسودان جديد وتتبني اطروحات قومية وتفتح ابوابها لكل ابناء السودان الي حركة اقليمية محدودة مهما قالت أوقال الشماليين المنضويين تحت لوائها، وبالتالي فأعضاء هم فقط الاحق بكراسي الحكم والسلطة والنفوذ كعادة اي حركة مسلحة تتحول الي المدنية. واقليمية الحركة تجلت بوضوح في التقاسم الثنائي للسلطة مع المؤتمر الوطني مما حول القومي الي حزبي، وعزل بقية القوي كل ذلك جعل الجنوب غير موحد وبالتالي يكون الانفصال عمليا لكثير من الجنوبيين مغامرة تضعهم تحت رحمة الحركة الشعبية، فالبناء من الاساس غير ديمقراطي بالضبط كما يحدث في الشمال، وهذا دليل اخر علي ان مشكلة شمال جنوب ما هي الا وهم فالمشكلة الحقيقية هي مشكلة السودان كدولة فنفس المشكلة ستجدها في الغرب فكم فصيل متمرد الان فيه، وفي الشرق كذلك فحتي الذين وقعوا اتفاقا مع الحكومة هم انفسهم منقسمون في مابينهم ، ونفس الشئ ستجده في الشمالية وفي الوسط، اذن ومرة اخري ليس المشكل مشكل اقليمي بل مشكل دولة باكملها. معضلة دولة لم تستطع بعد تحديد مصادر ازماتها لتعالجها نهائيا، ولم يفلح فكرها السياسي في توليد نهج واضح متفق عليه ذوطابع قومي، وبالتالي نسيجها الاجتماعي بدأ بالتفسخ أن لم يتفسخ بالفعل تحت التدهور الشديد للاقتصاد.
فأن كانت الوحدة خيارا استراتيجيا فالدعوة لها والعمل لاجلها يجب ان يكون استراتيجيا وعلميا كذلك، فلا يمكن ان يكون التاريخ سائرا نحو التكتلات العملاقة سياسا واقتصاديا وتكون الدعوة للتفتت والتشرزم والتقزم امرا منطقيا، وان كان الشعب السوداني مؤمن بأن الاختلافات العرقية والدينية والثقافية بين افرادة لايمكن حلها سوي بالانفصال كما يشيع بعض ساسته ومثقفيه أو كما يعمل البعض فعلا في الظلام لذلك، فأن نفس هذا الشعب لن يقاوم اغراء الوحدة حين تتغير الشروط السياسية والاقتصادية للسودان كدولة، فهذا ما يجعل القارة الاوربية تتحد وتسعي لتقوية هذا الاتحاد، اي تشابه النظم السياسية والربط الاقتصادي القوي. والي الذين يدعون غير ذلك نقول ان فروقاتكم الثقافية والعرقية والدينية لاتظهر الا مع فروقاتكم الطبقية التي تعمقونها بسلبكم لحرياتنا ونهب ثرواتنا.
ملاحظة اخيرة
كم تبقي من عمر الفترة الانتقالية وكم انجزنا لتكون الوجدة امرا جاذبا.
تعليقات
This is good article .To find more interesting issues visit our blog (www.tallal-leway.blogspot.com) and read the article of Alex De Waal about failure of sudan state.
Leway
P.S don t have arabic keyboard .My greetings to your family .