المهمشين علي ضوء الهجوم علي امردمان


الاعتماد علي البعد الاقليمي والقبلي كان دائما ما يميز حركات التمرد المسلح علي سلطة المركز في الدولة السودانية، وقد يكون ذلك طبيعيا بسبب قوة تاثير القبيلة والعشيرة في الحياة الاجتماعية السودانية، وبسبب اوضاع خاصة اقتصادية واجتماعية تميزت بها بعض الاقاليم دون سواها مثل الاقليم الجنوبي مثلا.

ورغم هذا فأن كل هذه الحركات باختلاف الاقاليم التي ظهرت فيها، حاولت دوما اصباغ نفسها بلون القومية والوطنية من خلال ارجاع اسباب تمردها لقضايا وطنية وقومية كانت الريادة في ذلك للزعيم الراحل د.جون قرانق الذي حوت حركته كثير من مواطني الاقاليم الاخري وصلوا درجات قيادية رفيعة، اقول ان محاولة صبغ الحركات لنفسها بصبغة القومية رغم تاثير القبيلة والاقليم بشكل نافذ قد تجسد في احد اوجهه في الحديث عما يسمي التهميش والمهمشين، الذي يختصر الحديث عن التنمية غير المتوازنة والذي ميز الدولة السودانية منذ نشأتها وقاد الي اغناء المركز مقابل افقار الاقاليم. وهذه حقيقة فالشعب السوداني كله مهمش ابتداء من السلطة نتيجة غياب الديمقراطية، وانتهاء بالثروة نتيجة التنمية غير المتوازنة هذا اذا كانت هناك تنمية بالفعل والاقتصاد المتهالك والمتخلف.

واذا ما تناولنا حركات دارفور المسلحة والتي ركزت علي قضية التهميش بشكل مكثف، نجدها اقل نجاحا بشكل ملفت من الحركة الشعبية التي اقامها د.قرانق في الجنوب في محاولة تحويل نفسها الي حركات قومية، فهي لم تستطع تجاوز القبيلة والعشيرة والدليل انقساماتها التي حولتها الي حركات فسيفسائية، مما يطعن في مشروعها القومي ويحصرة اكثر بالاقليم وربما اضيق من ذلك في القبيلة، فأن لم تستطع ان ترتب البيت الداخلي في اضيق حدوده فكيف ستتحول الي البيت الكبير، والهجوم الاخير علي امدرمان جعلها كثر تبدو بهذا المظهر مهما قال خليل ابراهيم عن حركته الداعية لرفع الظلم عن كل المهمشين في السودان.

ويبقي السؤال، لماذا لم تستطع التنظيمات السودانية سلمية / مسلحة التحول الي تنظيمات جامعة تنظر للسوداني كسوداني وليس لأي شئ اخر، فهل العيب في تركيبات هذه التنظيمات؟ أم العيب في طبيعة فهمنا للشعب السوداني وشكل الدولة السودانية الملائمة لهذا الشعب؟؟

يبدو اننا نحتاج لتعريف الوطنية والقومية من جديد.....

تعليقات

‏قال غير معرف…
الله يفتح عليك يا ايمن ... نحن محتاجين لاعادة تعريف كتير جدا من الاشياء والمفاهيم والمعاني ... طبعا كلمة مهمشين دي عاملة لي عقده من كترة استخدامها لاغراض اخري بجانب جلابة وغيرها ....تسلم علي التحليل الراقي
ابنوسة منورة مرايا سودانية بالزيارة واتفق معك في ان الاشياء التبست علينا فلم نعد نعرف معانيها الي درجة اصبحت معها الكلمات مجرد موضة نمسك فيها حتي تظهر اخري، مهمشين شفافية عولمة قومية وطنية، السودان نفسة اصبحنا لانعرف مامعني هذه الكلمة حين ننطقها.

المشاركات الشائعة