جنوب كردفان عند ذروة المنتصف


بعد حين تدخل الإنقاذ عامها العشرين. ويحنا، فالجيوش تدق الباب ثانية، بعد مئة عام. حاضرنا كان نصف قرن. مازلنا فلاحين بائسين ورعاة جاهلين، وأهل حواضر مرضى، على حافة الهاوية. عانينا احتباس الحاضر في قُمْقُمِ الماضي. وإذ تبينا كيف كنا ببطن الوحش، كاد زماننا يقتنصنا من جديد. هرولنا ثم ركضنا، بحثاً عن منجاةٍ تَفُكُ إسارَنا. ألفينا نهرا يهدر. قالوا: النيل، يحمل بوح قرون الزمن الخائب. مكتوبٌ في وجه الماء، ميثاق سلام. غرفنا ماء أحمرَ بلون الطمي. قلنا: هيا، نحمل عنه ثقيل الماضي. نجعلُ الحاضرَ مئزرا، يحمي سوءاتنا من عار المستقبل.هذان مقالان لقراءة فرص مستقبل جنوب كردفان وتعقيداته المحتملة، باتجاه انتخابات ذروة المنتصف. بعض الأفكار وردت متفرقة في مواضع أخرى. استجمعناها تنبيها للحاكم والمحكوم، بأن بناء سلام مستدام يحتاج أكثر مما هو حاصل، لأنه أدعى للصبر وأغلى كلفة من الحرب. المقال الأول ينظر في الأحوال القائمة في ظل تجربة الحركة الشعبية في الحكم بجنوب كردفان. حفاوة الاستقبال، واحباط في آخر المآل بعد عام ونصف. المقال الثاني يتطرق للمفارقات التي تعانيها وثائق السلام وأثرها في جنوب كردفان. مصاعب برزت عند التنفيذ. وفرص جديدة لتعزيز مواضع القوة. ومراجعة مواضع الضعف عبر المشاورة الشعبية التي سيجريها المجلس التشريعي المنتخب عند ذروة المنتصف. خلاصة العرض، أن جنوب كردفان بحاجة لتعديل بوصلة الاقتصاد والسياسة، لتجيب عن السؤال: كيف نبتعد عن حافة الهاوية؟ عبر جهد مشترك، وأهداف مشتركة، لخلق هوية مشتركة؟الحكام وعظائم المهام:ليس بِخافٍ على الحكام والمسئولين ومتخذي القرار، بالخرطوم وكادقلي، أن هواجسهم الأمنية ستزداد أكثر، وتتعقد أكثر فأكثر، كلما تمادوا في اهمالهم التصدي للتحديات الماثلة بجنوب كردفان، وكلما تمادوا في تَلكُئِهِم في اقتحام المسببات الجِذرية التي أفرزت الحرب والصراع العنيف (1985 -2004). ذلك لأن جنوب كردفان (بحدود 1974، وبمساحة 144 ألف كلم2) هي الولاية الوحيدة التي كابدت ثلاث اتفاقيات في ثلاث سنوات فقط (2002-2004)، ومازالت تجأر تحت وطأة تناقضاتها. تلك كانت، في تسلسل زمني، اتفاق وقف إطلاق النار بجبال النوبة (19/1/2002)، وتم تأكيده في اتفاق نيفاشا-2005. واتفاق حل نزاع جنوب كردفان؛ ثم اتفاق حل نزاع أبيي (26 مايو 2004). الجهة المُخاطبة بتنفيذ هذه البروتكولات في النصوص الأصلية، هي مؤسسة الرئاسة. إلا أن تعديلات لاحقة، (ديسمبر 2004)، أدخلت صلاحيات للمؤتمر الوطني، نتج عنها تعقيدات عند التنفيذ. فالدرس الموجب للانتباه، هو أن جنوب كردفان بحاجة لبناء قيادة متفق عليها. يعقد المهمة، أن الاستفتاء المزدوج، يضعها تحت مجهر الانكشاف
الاستراتيجي. هذا الاعتبار لوحده يوجب وضعها في بؤرة العين وأم الفؤاد، لجعل الوحدة جاذبة
C'est la vie !نقلا عن مدونة.
للمزيد ادخل علي

تعليقات

المشاركات الشائعة