اربعون دولار سعر جوال الدقيق
لم تمهلنا الايام كثيرا حتي حملت لنا الانباء الخبر الاكيد عن ارتفاع اسعار دقيق الخبز.
ففي مقال سابق حاولنا فتح ملفات الزراعة من جديد، بل اننا اكدنا ان فتحها هذه المره ليس من باب التكرار واللت والعجن عن السودان وامكانياته الزراعية بقد ما هو حاجة ملحة ضرورية مفروضة بواسطة اثنين من اهم المستجدات التي تحرك الاحداث الان في العالم الا وهما الاحتباس الحراري وما يترتب عليه من اثار مدمرة والسعي المحموم للبحث عن بدائل طاقة بديلة للبترول والاثنين لايخفي الا علي غافل علاقتهما بالزراعة.
فأن كان الاحتباس الحراري قاد الي تغيرات مناخية نتج عنها انخفاض شديد في الانتاج العالمي للحبوب والمنتجات الزراعية عامة، وجاء البحث عن بدائل الطاقة متمثلا في انتاج الايثانول من الغلال خاصة الذرة والمخلفات الزراعية الاخري ليزيد الموقف تعقيدا اكثر، فان الامر تعدي بالزيادات الاخيرة لاسعار دقيق الخبز مرحلة التنبؤ والتكهن بما سوف يحدث ، الي مرحلة الازمة الفعلية . اضف عليه الاستهتارالحكومي بل التخريب المباشر والغير مباشر للزراعة في الدول الفقيرة ونحن منها بالطبع وبكل فخرللاسف الشديد ، متمثلا في قفز اسعار القمح العالمية لارقام قياسة بلغت 480 دولار للطن الواحد كما ذكرت المصادرالعالمية والاعلامية مثل قناة الجزيرة في احد تقاريرها مؤخرا والذي تحديدا تناولت فيه السودان، والقفزة الداخلية السريعة جدا كاستجابة طبيعية للخارج والتي وصلت حتي الان لمايقارب ال 40 دولار للجوال والمرشحة للزيادة هي الاخري.
وهنا لن نتحدث عن دعم رغيف الخبز الذي رفعت الحكومة يدها عنه منذ سنين اوامكانية تخفيض الرسوم والضرائب عن المنتجين سواء اكانوا مزارعين اومستثمرين فهذا في الغالب الاعم لايلقي اذن صاغية من اصحاب القرار والا لكانت المنتجات السودانية ارخص من المستوردة وهذا ما لانجدة علي ارض الواقع، ولن نتطرق الي جودة الخبز ورقابة المخابز فهذا ترف علينا ان لانحلم به فلا ندري انستطيع شراء خبز غدا ام لا؟ وان كان هناك اصلا من يعمل علي ترفنا بجد لاختفت مادة بروميد البوتاسيوم والي الابد من موائدنا ولم تستمر كل هذه السنوات ولازالت تهدد صحتنا.
أقول ان الحديث عما سبق لن يجدي نفعا، اذا اردنا النظر الي الامور بمستقبلة فلم يعد مقبولا نمط التفكير الحكومي والشعبي الذي يربطنا دوما بالنظر تحت اقدامنا، ولم يعد ذو نفع التمسك بفكر رزق اليوم باليوم لانه ببساطة يعني الانتحار.
فلا الاحتباس الحراري يعطينا الزمن الكافي للتسكع في اروقة الفكر واتخاذ القرارات، ولا البحث عن الطاقة وهذا ايضا يرتبط بالاحتباس الحراري وتلوث البيئة، يمنحنا وعودا بالرفاهية لسنين طويلة قادمة فالبترول مضي عهده، وقبل ان يقولوا لنا (بلوه واشربو مويتو) علينا استغلال ريعة باقصي ما يمكننا لدعم الزراعة.
واذا رجعنا الي الاحتباس الحراري، فأن كل التقارير العلمية والاقتصادية تقول ان دول العالم الثالث هي من يدفع الثمن الاكبر في هذه الكارثة الطبيعية، وذلك بسبب الاستنزاف الحاد لمواردنا بكل انواعها، ثم تركنا هكذا لانقوي علي اطعام انفسنا. ولهذا ندعو الي التحول لعنصر فاعل في الحرب علي خفض معدلات الاحتباس الحراري ومكافحة اثارة، بأعادة الغابات وتنشيط الزراعة وتفعيلها، فهذا هوالامل الوحيد لدرء شبح المجاعات والاسهام بأيجابية في انقاذ كوكب الارض.
تعليقات