الي صديقي لؤي -1

عزيزي لؤي

اخباركَ مقطوعةٌ عنا .. فأخرُ ما اعرفهُ عنك هو انكَ في ادغالِ افريقيا تعملُ كطبيب مقتفياً اثارَ البيرت شفايتزر...


اشياءٌ كثيرة تدفعني للكتابة اليك .. العام الجديد .. اعياد الإستقلال البائسة.. إنتقال احد الفاشليين من فريق لكرة القدم الي اخر .. ارتفاع الأسعار .. موت مطربٍ ما .. وأشياءٌ اخري .. ولكن اهم شئ هو رواية ..

رواية من اربعمائة صفحة ، اكملتها كلها من الغلاف للغلاف .. ففي مثل هذا الظلام الذي يتلبد مستقبل شعب ، التهم انا اربعمائة صفحة ياللهول !! هل تصدق هذا؟

انتَ تعرف بالطبع وعلي العكس منك ، ما كنتُ انا من عشاقِ الروايات يوماً ، رغم الأعتقاد الجازم الذي اعتقده في أن الفنون والرواية ما هي سوي مرايات تنعكس عليها وقائع الحياة ومنعطفاتها التاريخية. ورغم انني قبل اكثر من عشرون عاماً كنت مفتوناً بالرواية الروسية إلا ان الأمر لم يستمر معي طويلاً فقد يكون هذا الأفتتان مردهُ مجرد ميول ايديولجية بشكل او بأخر ما لبث أن تلاشي ، أو قد يعود سبب عدم رغبتي بالروايات هو ميلي المستمر لأستعجال النهايات.

كان هكذا الحال حتي اعرتني قبل خمسة عشر عاماً كما اذكر بعضاً من رواياتك الخاصة ، اتذكر؟

الحب في زمن الكوليرا .. جورج امادو .. الخبز الحافي .. مدن الملح .. وبعض كتابات غسان كنفاني..

كل هذا جال بخاطري بعد ان أكملت بريد بغداد ..

بريد بغداد هو عنوان رواياتي التي قراتها بعد كل هذه السنوات .. واكتب اليك بسببها...

ولا أعلم لماذا من بين عشرات العناوين اختار انا بريد بغداد ..

أيكون هذا إطلالٌ من بعض ذكريات مدفونة ومعنونة كذلك ببغداد .. قد يكون .. فذكر بغداد يوماً كان دائماً ما يثير في دواخلي بضع ابيات من قصيدة شاعر نسيتُ مع الأيام من يكون قال ...

الفراشات الصغيرات سألن العابرين ...

ماذا تعني فلسطين..

فأجبن وردة تيتمت بالعشق مليون مقاتل..

من نشامي ومغاوير العراق.. (أو كما قال)

المهم...

الطريف ان كاتب الرواية وبطلها من تشيلي .. وتشيلي ايضا تذكرني بأشياء قديمة .. مثل ملح تشيلي في حصة الكيمياء .. أو بديكتاتورها بينوشيه ..

البطل هويكيرو كما أسماه المؤلف هو رسام طار من تشيلي الي جيكوسلفاكيا .. ليتزوج ومنها الي بغداد .. حيث تدور كل الأحداث .. التي تبدأ من مؤتمر للشباب اليساري .. مروراً بلقاء عبدالكريم قاسم وعبدالسلام عارف .. انتهاء بأختفاء هويكيرو مع الأكراد الذين مثلوا له قضية توئم أحب أن يتبناها .. لالشئ سوي انها نفس قضيته في تشيلي .. فبطلنا من اقلية المابوتشي التي تبحث عن حقها المسلوب..

كل تلك الأحداث والشخصيات كانت في شكل رسائل بين هويكيرو وبرفيسور جيكوسلفاكي ..

فهل انا قادر علي أن افعل الشئ نفسه .. اعني ان أنتظم بمراسلتك بأنتظام .. لعلَ هذا يؤنسُ غربتك .. ويفرجُ بعض الضيق عني...

ايمن 12/01/2013

تعليقات

المشاركات الشائعة