شبح صدام حسين يطل من الBBC



لم تكد ضجة المسلسل التركي نور تخف حدتها حتي اخذ مسلسل عن حياة صدام حسين بالخروج الي العلن ولكن بشكل اقل حده كون انه لم يعرض بعد في القنوات العربية حيث بدأ فعلا بث حلقات منه علي القناة المرئية لهيئة الاذاعة البريطانية BBC .
وان كان بطل المسلسل التركي والمعروف بمهند بشعره الاشقر ولحيته الخفيفة وسلاسله المتدلية منه ورومانسيته المفرطه هو صورة البطل المراد زرعه في عقولنا بقصد أوبدونه بسبب غياب نموزج البطل في مخيلتنا وبسبب عهد الهزيمة الذي نعيش، فأن الرئيس الشهيد صدام حسين سيكون البطل الذي سيقدمه لنا الفن ولكن بعيون غربية هذه المره. وان كانت الفتوي السعودية حول المسلسل التركي هي من اثار كل تلك الجلبة واشهر المسلسل فأن مسلسل صدام حسين لابواك له، ربما لانه في قناة اجنبية ولم يترجم بعد، أو لربما يحتاج لفتوي هو الاخر، اولان السلطة العربية لاتطيق سماع شئ عن صدام الذي شاركت بطريقة أو بأخري في قتله، ربما.
وقد يكون الحديث عن مسلسل صدام هذا مبكرا بعض الشئ، فلا احد حتي الان شاهده ولكن وكعادتنا دائما ما نهتم بالقشور اكثر من اي شئ اخر، فالنقد الموجه حتي الان للمسلسل يتركز حول ان من سيقوم بدور الشهيد الرئيس صدام هو ممثل اسرائيلي، يشاركه ممثل مصري. وهذه في حد ذاتها ليست بنقيصه، فمعظم الحكومات العربية لها علاقات مباشرة اوغير مباشرة بالعدو الاسرائيلي، بل ان الكثير بات يفضل العيش في الكيان الصهيوني علي العيش في اوطانهم اوالدول العربية حتي ولوكلفه ذلك حياته.
وبما ان احد لم يشاهد المسلسل حتي الان فأن النقد الفني والتاريخي وقد يكون السياسي امر مؤجل، اما الذي لايمكن تأجيله هوالتسؤل عن لماذا لم تتنتج الدراما العربية مسلسل عن صدام حسين؟ فالرجل لايعد مجرد شخص بل حقبة تاريخية كاملة. ولماذا ننتظر من الاخرين كتابة تاريخنا صادقين كانوا في كتابته ام لخدمة مصالحهم؟ ثم نعود لنكيل الاتهامات والنقد ونبكي علي ما فات؟
الاجابة ببساطة تكمن في صدام حسين نفسه، سواء أكان صدام الرجل اوالتاريخ، ففي ظل حرية التعبيرالمعدومة في منطقتنا، ستكون العقبة في كيفية الحديث عن صدام، اوهو الشر كله كما قالت امريكا ام الخير والشر كما تقول الطبيعة الانسانية؟ هل سنتحدث عن ديكتاتورية صدام كظاهرة تاريخية فريدة حدثت في تاريخنا ام جزئ لايتجزء من الحكم العربي السائد بلا استثناء؟ كيف سنعرض حرب الخليج الاولي هل سنقول رجل قوي طمع في ثروة جيرانه فغزاهم؟ ام سنتحدث بشجاعة، عن صراع البترول ومن خفض اسعاره حتي انهارت، ومن بارك في الخفاء، ومن قبض ثمن سكوته، ومن كوفئ كخادم ذليل ثمنا لمشاركته، هل سنتحدث عن الشارع الذي رفض الحرب فتم قمعه بقسوه؟ هل سنتحدث عن عرض صدام حول مقايضة الكويت بحل القضية الفلسطينيه هذا العرض الذي احرجنا وجعلنا ننقاد مخزيين لمهزلة اوسلو ووادي عربه؟ هل سنتحدث ان العقاب الجماعي للفلسطينين الذين هتفوا لصدام وصواريخه تدك اسرائيل؟ واحد الرؤساء العرب يردد دون خجل انها مجرد فرقعه؟ هل سنتحدث عن اليورانيوم المنضب عن ضرب الكهرباء والمستشفيات والمدارس والعامرية ؟ هل سنقول من اين انطلقت الطائرات والصواريخ؟ ألم نقل ان صدام ليس بشخص بل تاريخ بأكمله.
وفي الغزو الاخير ماذا سنقول؟ هل سنجرؤ علي قول من اين اتي الغزو؟ هل سنمثل دور من صدق اكاذيب بوش حول القاعدة واسلحة الدمار الشامل، أم دور المتواطئ معه؟ وكيف ستكون الحلقة الاخيره هل سنظهر الرجل لحظة استشهاده كما شاهدناها بطل لايهاب الموت، ام مجرم رجل مات قلبه منذ زمن بعيد؟ ام كلحظة كتبت فيها شهادة وفاة النظام العربي الراهن ؟هل سنقول كل ذلك ام سنكتفي بحياة الرجل الشخصية التي لن تنفع قضية التاريخ والحق والعدل شيئا؟ الم نقل ان صدام ليس بشخص بل تاريخ بأكمله.
مدخل اخير..
ليس من حق الجبناء كتابة التاريخ، فحين نستطيع قول الحقيقة من حقنا حين إذ كتابته، ونقد نظرة الاخرين لنا ولتاريخنا.

تعليقات

المشاركات الشائعة