العدسي – الما بيعرف يقول عدس


في العدد رقم 1484 بتاريخ 28.06.2007 من صحيفة الحياة السياسية ، نشر مقال لكاتبه سيد أحمد العدسي بعنوان (محاكمة الديمقراطية وسدنتها الفاشلين) ولسبب غير واضح اومبرر بالشكل الكافي تم اعادة نشر نفس المقال ولنفس الكاتب في نفس هذه الصحيفة الغراء، في العدد رقم 1486 بتاريخ 30.06.2007. ولا ادري هل اعادة نشر المقال مجرد خطأ اخراجي ام له علاقة بأحتفالات المؤتمر الوطني بعيد الانقاذ، واقول ذلك لان الكاتب اورد رائ مفاده أن العسكر انما جائوا لينقذوا البلاد والعباد من داء الديمقراطية، فهل هذا تبرير لما فعله الانقاذيون في ذكري احتفالاتهم بتبني خطاب حتي الانقاذ تخلت عنه؟ فينشر المقال قبل الاحتفالات بايام معدودات ثم يعاد نشره في عيد الانقاذ؟؟ وحتي لانذهب بعيدا بتخمينات لا تنفع ولا تغير من الحقائق شيئا، وتحيد بنا عن ما نريد الاشارة اليه بأقتضاب قدر المستطاع اي موضوع الديمقراطية فمن الافضل الولوج مباشرة لصلب الموضوع.

من قال ان الديمقراطية فشلت؟

يقول الكاتب في مقدمة مقالته (قرأنا ونقرأ كثيرا في الصحف السيارة عن من يسمون انفسهم بالديمقراطيين.... ونراهم يشنون هجوما متواصلا علي العسكريين والانظمة الشمولية ولا يفكرون لحظة في نقد الديمقراطية ذاتها وهي التي فشلت حتي في بلادها امريكا وبريطانيا...). وهنا نتوقف مع اول علامة استفهام، فمن الذي قال ان الديمقراطية لم تتعرض للنقد الذاتي من قبل دعاتها؟ فاذا حصرنا الحديث فقط في امريكا نجد ان الوضع اصبح يشار اليه بما يسمي بازمة الديمقراطية الامريكية. كما يرسمها المفكرون والكتاب الامريكيين نتيجة التداعيات السالبة والخطيرة علي الوضع الداخلي من جراء سياسة بوش الخارجية والتي تمارس باسم الديمقراطية وقد وصلت بعض الكتابات درجة كبيرة من النقد الذاتي للديمقراطية لدرجة ان بعضها دعي الي ادخال تعديلات علي الدستور الامريكي، وبعضها الاخر وصفها بالخيانة مستشهدا بمقولة قديمة للرئيس جفرسون (ما لهذا حاربنا). وكامثلة لمثل هذه الكتابات نحيل القارئ وكاتب المقال الي العدد321 من مجلة المستقبل العربي الصادر في 11.2005 باب كتب وقراءات.
ثم انه وفي العدد رقم 1470 الصادر في 14.06.2007 تناولت أزمة الديمقراطية كأحد اوجة مأزق الحضارة الانسانية في العصر الحديث بالتناقض الذي وقعت فيه بين تبني اداة جماهيرية مثل الديمقراطية وسيطرة الفردية المقيته كسلوك فردي وجمعي بالالتفاف علي الديمقراطية وتزيفها الشئ الذي اظهرها وكأنها أكذوبه.
ومن قال ان الديمقراطية قد فشلت فرغم الالتفاف الواضح عليها، نتيجة توحش النظام الرأسمالي وسيطرة النخبوية الضيقة، فأن كون تسليم الجميع لحق الفرد في الانتخاب من رئيس الحي الي رئيس الدولة يختلف كثيرا عن من لايدري حتي من الذي اتي بهذا الحاكم اوذاك، وكون انه قد اصبح من الحقوق البسيطة حق التظاهروتكوين الاحزاب والمؤسسات المدنية يكون هذا في حد ذاته انجازا كبيرا للديمقراطية عبر بالانسانيه خطوات كبيرة في حربها ضد الاستبداد والقهر، هذا اذا افترضنا ان شيئا لم يتحقق فعلا.

الاحزاب السودانية والديمقراطية

لقد بات من المعروف ان الاحزاب السودانية حتي التاريخية منها باتت مفصولة عن القواعد الشعبية، واهم الاسباب التي قادت الي هذا الفصل هوعدم الثقه اوالاقتناع الشعبي بفكرها وبممارساتها ناهيك عن قياداتها، الشئ الذي قوي من نخبويتها وانحصارها في شرائح محدده ثقافيا وطبقيا. هذا بلاضافة الي معضلة الوجوه المكررة كما يسميها الشارع السوداني والتي تتولي قيادة هذه الاحزاب، فهذا موضوع معروف وتم مناقشته باستفاضة. ولكن دعونا لانقفذ علي الواقع والحقائق المنطقية قبل التاريخية، فكل هذا لايعني عدم ديمقراطية الاحزاب السودانية اتفقنا معها اواختلفنا. فالقيادات التي نعترض عليها ووصفها الكاتب بابواق وارجوزات الماسونية، هي موجودة حتي الان بسبب الانظمة الشمولية، التي كان لها العمر الاطول في حكم السودان، وبالتالي منعت التطور الطبيعي لهذه الاحزاب. فالحزب يحتاج لعقد مؤتمرات يختار من خلالها قياداته علي كل المستويات وهذا يحتاج الي زمن وجو مناسب لكي تتعلم كوادرة الديمقراطية داخليا لينعكس ذلك بدوره خارجيا في تعامل الحزب مع الحياة السياسية ،فهذا هو اول الطريق تجاة ديمقراطية ناضجة ومتجددة لان الحزب هو اصغر وحدة في البناء الديمقراطي، وهذا ما لم يحدث في التجربة السودانية، بصورة مستمره بسبب الانقلابات التي تفرض علي الاحزاب العمل السري وبالتالي تبقي القيادات القديمة بكل مساوئها في الحزب ، أي ان كل مايحدث ونعاني منه بسبب الانظمة الشمولية، وبالتالي تصبح الديمقراطية هي الضحية.

الديمقراطية ليست دين

يقول الكاتب (...الديمقراطية الغربية دين اوربي امريكي يريدون فرضه علي العالم رغم انه دين فاسد بادي العورات ... لا تخفي حتي علي حمار...) فيا سيدي من قال ان الحمار لا يفهم! ومن قال ان الديمقراطية دين! ان هذا لعمري انحطاط بالفكر الي درجات لايمكن وصفها الا بأنها عدم ادراك لحقائق الامور. فالتبجح الامريكي والاوروبي بالديمقراطية، ما هو الا حصان طروادة الذي تسعي به القوي الكبري لفرض سياساتها واحكام نفوذها علي العالم من اجل خدمة مصالحها وليس تاسيسا للديمقراطية، هذا السلوك الاستعماري لا علاقة له بقريب اوبعيد بالديمقراطية، لانه من الواجب التفريق بين الديمقراطية كفكر اصيل وكمنهج قطع اشواطا في تلك الدول علي المستوي الشعبي يجب الاعتراف به وبين الديمقراطية علي المستوي الرسمي لدول لازالت تحكمها النظرة الاستعمارية للعالم لانه وفي نفس الوقت الذي تدعوا فيه للديمقراطية تدعم اسوء الانظمة الديكتاتورية، وتستغل الشعوب الفقيرة وتزيدها فقرا.
والكاتب يقول ان الديمقراطية دين فهي تساوي بين الناس حيث يقول (... دين يساوي بين الذين يعلمون والذين لا يعلمون يساوي بين الطائع والفاجر.... كلهم يتساوون في الاصوات او في التصويت مع انه في ضوء العقل والعلم راي الجاهل لا يساوي راي العالم...) وهذا تناقض، فأن كانت تفعل ذلك فما الضير؟ فديننا الاسلامي الحنيف يقول الناس سواسية كأسنان المشط، فمن حقنا جميعا اختيار حكامنا ومن حقنا جميعا تنصيبهم واقالتهم ونقدهم، ومن حقنا جميعا ان نعيش متساويين في الحقوق والواجبات. وكفانا افكار القرون المظلمة.

السودان لايستحق الديمقراطية

يقول الكاتب ( الديمقراطية اساسا لاتناسب السودان وشعبه لان السودان بلد مسلم وشعبه مسلم والديمقراطية مذهب كافر...) فمن قال يا استاذ ان الشعب السوداني شعب مسلم، الشعب السوداني غالبيته من المسلمين فهناك فرق بين الامرين، وهذا هو الفكر التكفيري القبيح بعينه الذي يناقد الدين بمفهومه الشعبي البسيط القائم علي التسامح وقبول الاخر اي كان الدين الذي علمنا اياه هذا الشعب الذي لايفهم من مثل هذه الاحاديث الا انه شعب الناس فيه كالقطيع لايصلح لهم غير جلد السياط ليستقيم شعب لايعرف مصلحته فوجب دوما ان يحكم بالاسياد ويظل هو في خانة العبيد فهم يعرفون ونحن لانعرف، وهم معصومون ونحن خطاؤون. اما من يؤمن بغير هذا فهو كافرولما لا اوليس الكاتب من يقول (وأحباب الديمقراطية التي يبكون عليها ... هم والمؤمنون بشريعة الاسلام علي طرفي نقيد...) فأني واللة كمسلم اخجل من ان اقول ذلك، لانني اعرف ان الله عز وجل قال عن دينه فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر فما بالكم بأمر دنيوي مثل الديمقراطية.

تلفيق التاريخ

ان الفكر الذي ينبني علي التعصب والظلامية لايستطيع التعاطي مع الديمقراطية وقبول الاخر، لذلك دائما ما تجده يقفز علي التاريخ ويلفق الحقائق ويكبت المخالفين ويقهرهم ماديا ومعنويا. لانه يعرف ان لا العقل ولا المنطق ولا التاريخ يمكن ان يشكلوا له داعما قويا .
فمثلا يقول كاتبنا ان العسكر قد استولوا علي السلطة لانقاذ هذا الشعب ثم اخذ يضرب المثل تلو المثل وكيف ان الديمقراطيين جوعوا هذا الشعب منتاسيا ان المجاعة حدثت في عهد شمولي ثار علية الشعب وخلع رأسه الذي تملئ صوره الان شوارع الخرطوم احتفالا به وبنظامه دون ادي مراعاة للهذا الشعب وتاريخة النضالي، وحقيقة الذي لايعرف الديمقراطية يقول عدس، وأن عتم عدنا.

تعليقات

المشاركات الشائعة