اشاعة – كل الاسعار سوف ترتفع


الحديث يتطاير هنا وهناك حول ان اسعار الحليب المجفف والمنتجات الحيوانية الاخري سوف ترتفع عالميا، ومرد ذلك الي مواسم الجفاف المتتالية علي كوكب الارض والاستخدام المطرد للغلال لانتاج الايثانول كمصدر بديل للطاقة. واول ما تبادر لذهني كرب اسرة مصاب بهلع ارتفاع الاسعار وبسذاجة مفرطة فكرت في شراء كميات من الحليب المجفف حتي تهبط الاسعار اويجعل اللة لنا مخرجا اخر. ولله الحمد فسوف يصرخ الكثيرين من هذا الشعب الكادح قائلين:
- جيد انكم لازلتم قادرين علي شراء الحليب المجفف اصلا.
وحتي هؤلاء وهم السواد الاعظم، سيصابون بالهلع عندما يلمسون بأيديهم الشعار المرفوع الان والقائل (أضف الي اعبائك 12% قيمة مضافة بدلا من 10%).
ومع انني سوداني عادي و لست خبيرا اقتصاديا فلا ادري اصلا ما هي القيمة المضافة او الي ماذا تضاف، الشئ الوحيد الذي اعرفه هو ان كل شئ سوف يرتفع سعره، واعرف كذلك انه اذا كانت الاضافة 2% راجعة الي الحكومة فأنه هناك اكثر من 2% اخري سوف تضاف علي كاهلنا. وما المانع مادمنا سندفع اما الذي لايستطيع فعليه بالفرجه لا اكثر ولا اقل.
ويبدو ان كلمة اضافة هذه قد اصابتني بشي اشبه بالحساسية، فبينما اطالع احدي النشرات العلمية اذا بي اقع علي حقيقة علمية مفادها ان الدقيق منخفض الاستخلاص اقل قيمة غذائية من الدقيق عالي الاستخلاص، وبالبلدي يعني هذا ان الدقيق المحتوي علي كميات اكبر من الردة افضل من الدقيق الابيض، لهذا فانه وفي البلدان المتقدمة التي تخاف وتسهر علي صحة مواطنيها يضاف الحديد والمعادن الاخري والفيتامينات للدقيق الابيض للتعويض. وعند كلمة يضاف هذه وقفت كل خصلة شعر في راسي لانني تلقائيا عرفت انه اذا ما فكر اي مسؤول في تطبيق هذه الفكرة فلا بد وأن تضاف زيادات جديدة علي اسعار رغيف الخبز فمن الذي سيتكفل بتغطية تكاليف هذه المواد، الحكمة لا أعتقد.
واذا كانت كلمة اضافة عملين تعني المزيد من المعاناة والاعباء، فمرد هذا في اعتقادي لعدم قدرتي كرجل شارع عادي علي تفسير توجهات الاقتصاد السوداني. فالصحف تطالعنا مثلا بأن عائدات البترول وصلت الي خمسة مليارات دولار وهذا جيد، مع انه وعلي ارض الواقع لا شئ جديد المعاناة هي نفسها. وكيف يختلف الحال اذا ما طالعتنا نفس الصحف بان الاعتداء علي المال العام وصل رقما لم استطع الالمام بحجمه بسبب كثرة اصفاره وصعوبة فك التداخلات بين الجنية القديم (الجنية الشعبي) والدينار (العملة الانقاذية) والجنية الجديد (جنية نيفاشا).
ثن ان هناك شئ اخر استعصي علي فهمي الاقتصادي المتواضع، فمن ابسط القوانين الاقتصادية التي قالها لنا ارباب الاقتصاد انه عندما يهبط سعر الدولار تزداد عملتنا الوطنية قوة، وعندما تزداد عملتنا قوة يكون ذلك مؤشرا علي تعافي اقتصادنا، وبناء علي ذلك فالشئ الذي لم استطع فهمه هو كيف يهبط سعر الدولار من 2600 جنية (عمله شعبية) الي 2000 جنية (عملة شعبية ايضا) ولايحدث تغير يذكر علي حياة الناس.
هذه أسألة يومية تدور في خلد اي مواطن سوداني بسيط، يسعي من مطلع الشمس الي مغيبها لتأمين ابسط حاجياة اسرته اليومية، اما اشياء مثل التعليم او العلاج عفي اللة الجميع فأنها اصبحت نوع من الكماليات لكثير من الناس او في احسن الظروف حسب التساهيل. تخيل التعليم والعلاج بات رفاهية!!.
المشكلة الاساسية ان الحكومة ومن قبلها الحكومات السودانية ومنذ الاستقلال لم تكن صريحة بالشكل الكافي معنا كشعب. فلماذا لاتعلن الحكومة صراحة ان البترول قد استخرج واسعاره العالمية في ارتفاع ولكن الدولة لازالت في حالة حرب وبالتالي ميزانيتها ميزانية حرب، وبالتالي ايضا فجل المال للجيش والانظمة الامنية الاخري. وحين تعلن ارقامها الفلكية عن الاعتداء علي المال العام لماذا لا تعلن اخفاقها في منع هذه الاعتدائات وتمضي في الامر حتي النهاية ولو استدعي الامر محاكمات علنيه؟ لماذا لا تعلن ان زيادة الضرائب فيما يسمي بالقيمة المضافة لانها عاجزة عن تسير الامور بدون هذه الزيادة نتيجة الفساد وسوء التخطيط؟ لماذا لاتعلن ان القطاع الزراعي يتضائل يوما بعد يوم والصناعي مدمر؟ الاعتراف بذلك ليس عيبا بل هو اول خطوة لانقاذ هذا الوطن يا اهل الانقاذ.

تعليقات

المشاركات الشائعة