مأزق الديمقراطية - التحول الي اكذوبة

مأزق الحضارة الانسانية2

الكلمة ذات الرواج الاكبر هذه الايام هي الديمقراطية، فهي المفتاح الذي يمكن به فتح كل الابواب وتبرير اي سلوك للفرد او الدولة علي المستوي المحلي والعالمي،أو كيل المديح أو التهم كما اتفق الوضع.
فأذا اردت ان تتبني خطاب معارض لسلطة ما لابد وان تكون الديمقراطية هي الاساس لهذا الخطاب، فكل اخطاء النظام واوزاره تفسر بغياب الديمقراطية. وأن كنت في السلطة أو مؤيد لها لابد من استخدام الديمقراطية كواجهة، وفي الحالتين تفسر الديمقراطية وتفصل لتخدم صاحب الخطاب.
وكذلك بين الدول فالمساعدات تم ربطها بالديمقراطية، ضاربين بالفروقات الثقافية والاوضاع التاريخية لاي دولة عرض الحائط. والتدخلات في شؤون الدول تلعب فيها الديمقراطية كذلك دور حصان طروادة ، فباسمها مات كل ضحايا الحرب الباردة فكل من المعسكرين الشرقي والغربي كان يدعي انه يناضل من اجلها، وبعنوانها مات أكثر من ستمائة الف عراقي وأكثر من ثلاثة الاف جندي امريكي وصرف اكثر من ثلاثمائة وخمسون مليون دولار من مال دافعي الضرائب في امريكا كانت كفيلة بتغير وجة الحياة في كثير من دول العالم الفقيرة دون طائل. وبأسمها كذلك تحاصر شعوب وتجوع.
وان كانت الديمقراطية كفكرة هي نتاج تفجر عبقرية الانسانية في خضم سعيها الدائم لحل مشكلة الاستبداد ليكون كل المجتمع طرفا في تسير الدولة التي يعيش فيها، ثم وبكثير من المعانة والتضحيات والنضال عبر القرون تحولت الفكرة لنظم حكم فعليه علي ارض الواقع، فأن المأزق الانساني الان في احد جوانبه هو نتاج هذا الامر بحيث اصبح من الواضح الحوجة الي تطوير هذا النموذج او علي اقل تقدير اصلاح ثغراته التي باتت تهدد الفكرة ككل.
فقد تحولت الديمقراطية من اداة شعبية الي وسيلة مهذبه للاستبداد علي الصعيد الداخلي للدول والعالمي. ففي الداخل اصبحت رهن لوبيات طبقية اوعرقية اوحتي اقتصادية بحيث حصرت دور الجماهير فقط في الذهاب الي صناديق الاقتراع، وهذا واضح ففي اكبر الدول الديمقراطية لازال الفقر هو الفقر والبطالة هي البطالة بكل ما يستتبع هذا من مشاكل اجتماعية واقتصادية، مما نتج عنه فقد لمصداقية الديمقراطية نفسها فكم من مرشح دغدغ مشاعر الناس بوعود حل أشكالياتهم الاساسية ثم تملص منها اوعجز عن حلها لسبب او لاخر.
وعالميا اصبحت الديمقراطية عصي الجلاد التي بها تجلد الشعوب وتقهر، وذلك حين تدخل كطرف في المساومات السياسية التي تفرضها الدول الاقوي علي الاضعف طلبا للنفوذ والمكاسب الاقتصادية في سوق التنافس العالمي. وبما أننا نعيش العصر الامريكي بكل ماتحمله الكلمة من معاني، فأنه يمكننا قياس وضع الديمقراطية عالميا بالمقياس الامريكي، وعليه و بكل يسريمكن ان نتحسس مأزق الانسانية بالالتفاف الذي تم عليها بواسطة الديمقراطية نفسها. ففي الولايات المتحدة مثلا اصبح الالتفاف علي الديمقراطية مدخلة المال، فبدونه لايستطيع اي مرشح الفوزبالرئاسة، لانه يحتاج للاعلام وهذا يتطلب انفاق بالملايين في الحملات الانتخابية وفي عمليات تلميع الصور والترويج، وهو يحتاجه ايضا لاخفاء فضائحه ونكباته وقد يحتاجه لكشف عورات المنافسين ونشرها. والصرف علي كل هذا ليس بالمشكلة والا المحرم، ولكن المشكلة الان اصبحت في الوحل الذي لحق بالديمقراطية نتيجة ذلك، فأنت لابد وان تقدم مقابل لمن يقدم كل هذا المال، وبدون ان تشعر تصبح في خدمته وراعيا لمصالحة وليس في خدمة الناخب، وهذا ما يفسر سيطرة اللوبي الصهيوني علي السياسة الامريكية ببساطة لانه من يدفع، وهذا ما يفسر ايضا كثير من الاحداث مثل تغطية الاعلام الامريكي اخفاقات بوش وكذبه وأخفاء جرائم اسرائيل وعدوانها علي الشعب الفلسطيني واللبناني عن الشعب الامريكي وأكثر من هذا الي درجة ان احد الكتاب الامريكيين تحدث عن كيف ان الوضع الحالي ماهو الاخيانة للديمقراطية بمفهومها الشعبي. وقس ذلك علي كل شعوب العالم.



ومن هنا تبداء الانسانية بالغوص اكثر في مستنقع مأزقها الحضاري، بالجمع بين النقيدين، فلسفة الفردية التي تجعل الجميع افراد كانوا اودول يتعامل وكانه الوحيد الذي يعيش علي هذه الارض منتجا وضع غير عادل اقتصاديا واجتماعيا علي مستوي العالم، والجماعية ممثلة في الديمقراطية التي تم الالتفاف عليها بمنتهي الصفاقه لينتج عن ذلك تهميش للجماهير لصالح نخبة، معمقين بذلك انعدام العدل.
وبالتالي يصبح السؤال الذي يقع علي عاتق الجميع هو كيف نعيد للديمقراطية لغايتها التي وجدت من أجلها بحيث نجعلها شعبية؟ أوبصورة اوضح كيف نجعلها اداة تخدم الجميع وليس النخب او القله المستفيده من الاوضاع الغير عادله حاليا؟ هذا والا فأنها تصبح مجرد أكذوية
.

تعليقات

المشاركات الشائعة