ساركوزي عطر باريسي جديد ولورد بريطاني علي الابواب



الانتخابات الفرنسية هي اخرالاحداث التي حظيت عندنا بأهتمام كبير، وهذا طبيعي ففرنسا تربطنا بها علاقات قديمة امتدت منذ الدولة الاندلوسية مرورا بالحملات الصليبة حتي احتلالها لاجزاء واسعة من قارتنا السمراء. ولازالت لها قوات مرابطة علي تخوم حدودنا الغربية في تشاد.وهي مهد الديمقراطية وصاحبة اول ثورة شعبية في العصر الحديث ضد الملكية والاستبداد، وعاصمتها عاصمة الانوار وبرج ايفل ومتحف اللوفروالتي طالما جذبت اليها عيون وعقول مفكرينا، ومع نابليون دخلت الينا المطبعة لاول مرة.
وكثيرا منا وكعادتنا دائما في استجداء العطف من الاخرين يري ان فرنسا صديقة للعرب، وعلي راسها الرئيس الاسبق جاك شيراك، لابل ان الكثيرين يتوجسون خيفة من ابن المهاجر المجري ساركوزي الذي حل علي قصر الاليزيه. والغريب انه ورغم هذه الصداقة المزعومة كانت فرنسا اول من امد العدو الصهيوني بالتكنلوجيا النووية، ولها تاريخ اجرامي حافل في الجزائر وافريقيا، وكانت احد الاقطاب الرئيسة في العدوان الثلاثي علي مصر،واول من تنكر للديمقراطية وثورة الباستيل بمنعها اي ذي ديني علي اراضيها وبقيادة شيراك نفسه بدعوي العلمانية وبتناقض شديد مع حرية الاعتقاد التي هي من المبادئ الاساسية ليس للديمقراطية وحسب بل للعلمانية نفسها. والعرب اعتبروا جاك شيراك صديقا لهم لانه مانع العدوان الامريكي علي العراق وكفي، ولكن ما هي الصداقة حين تتفرج فرنسا علي اسرائيل وهي تحطم كل شي في لبنان، وتقتل يوميا الفلسطينيين وتصادر اراضيهم وحين تكون راس رمح في عملية وقف البرنامج النووي الايراني، وفي الحصار المفروض علي سوريا، انها الصداقة كما يراها العرب ولكن حقيقة الامر استجداء للعطف من الاخرين. وهذا ليس قدحا في فرنسا ولاجاك شيراك ولا للقادم بوضوح كالشمس بقدر ما هو قدح في العرب انفسهم، فلماذا نطالب الاخرين بأن يفعلوا ما يجب نحن أن نفعله؟ ففي نفس الوقت ونحن نطالب فرنسا بوقف العدوان الامريكي علي العراق كانت امريكا تنطلق من اراضينا ومياهنا الاقليمية لتضربنا في العراق. ولماذا تفعل فرنسا شئ دون مقابل؟؟ وهي تعرف ذلك فنحن قد رهنا كل شئ للامريكي. ثم أخذنا نتباكي علي شيراك الراحل عن السلطة لانه يحبنا.. كذا!! ولانه كانت تربطه علاقات شخصية مع بعض زعمائنا.. كذا!! فمنذ متي كانت العلاقات بين الدول تقوم علي الحب؟ ونتوجس خيفة من القادم الي قصر الاليزيه رغم أن كل المؤشرات كانت تقول انه ساركوزي، واخذنا ننتظر كعادة المتسول اعطوه الناس او منعوه، حتي كانت الصفعة حين قال ان من حق الفلسطينيين ان يكون لهم دولة مستقلة الا أن أمن اسرائيل هو الاهم عندنا. وأن كان للانتخابات متطلباتها، وأذا أفترضنا أن الرجل يجب أن يقول ذلك ليفوز، فما الذي كان سيحصل عليه من العرب اذا قال غير ذلك .. لاشئ. فلا شئ يمنح دون مقابل في العلاقات بين الدول، فأن كنا نريد الافلات من القبضة الامريكية علينا اجتذاب منافسيها وليس التسول منهم، هذه الفكرة نفسها جعلت فرنسا تقدم الدعم للحكومة التشادية الحالية ومتمرديها علي ابواب العاصمة لالشئ الا لانها منحت حق تواجد قواتها علي الاراضي التشادية، وامتيازات النفط فيها. ونفس الشئ يقال عن الولايات المتحدة الامريكية التي تصرخ ليل نهار بالديمقراطية بينما تغض الطرف بل تدعم نظم ديكتاتورية اصيلة لا لشئ سوي ان هذه النظم تقدم لها ما تريد. وهذا ايضا ما يجعل الولايات المتحدة تمتعض من التواجد الصيني في افريقيا فهذا يوفر مخرجا للمارقين كما تسميهم،ويمنح الصين قوة اكثر يوما بعد يوم كقوة عالمية عظمي. فعندما نقول للصين تعالي تفضلي نقبي واستثمري عندنا يكون الوجه الاخر من العمله دافعي عنا فنحن عمقك الاستراتيجي بما نقدمه لك من مكاسب اقتصادية وهي مجبرة لتقوم بذلك والا فقدت هذه الامتيازات. ولا يعني هذا ابدال سيد بأخر بقدر ما يعني ان لاشئ دون مقابل بين الدول. وكل ماقيل ويقال بهذا الخصوص ينطبق علي اللورد الانجليزي القادم بعد توني بليير.

تعليقات

المشاركات الشائعة