من أي جيل نحن يا د. حسن مكي؟؟


الغريب أن كل جيل يري في من يليه جيلا ضائعا بلا مثل أو هدف ولايقدر علي فعل شئ. فكم من مرة سمعنا ممن يكبروننا جملة أي جيل أنتم؟ أوأنتم جيل لاخير فيه وما شابه من الجمل. ودائما ما يكون الرد هو اعتبار ان هذا الكلام راجع لحالة من الديناصورية يصاب بها الكبار ترفض الاعتراف بأن الزمن تغير وكذلك المفاهيم وتفضل التوقف حيث هي . ونتمادي بالضحك عليهم سرا وهم يقارنون زمانهم بزماننا، فهذه هي السنة بين الاجيال ولكن وعلي السطح يطفو الان شئ جديد هو عدم القدرة علي الاكتفاء بالضحك فقط بل نقد السابقين وتحميلهم مسؤلية الحاضر الذي ماهو الاوليد ماضيهم.
وفي كتابه الرائع حقا قصتي مع الحركة الاسلامية يتوقف د.حسن مكي في الفصل الاول علي تصنيف الحركة بناء علي الاجيال ويحدد لنفسه الجيل الثالث منها، أما تصنيفنا فهو ينتمي لذلك الجيل الذي عاش بعمق وبعنفوان حقبة الاحلام القومية والحرية والتحرر من الاستعمار بغض النظرعن التوجهات السياسية، ولذلك لانستغرب من رجل ينتمي لتيار من تيارات الاسلام السياسي عاش تلك المرحلة حين يقول (ومع انني اصبحت اخا ملتزما الا انني كنت محبا لعبد الناصر...) ويواصل حتي يقول (...لذا فلا عجب ان قاومت الدمع حينما اخذ يتلو خطاب استقالته بعد حرب يونيو 1967 ...) . أو حين يقول (... أحببنا عبدالناصر لانه كان ينفخ فينا روح العزة والشموخ امام اسرائيل وامريكا والغرب ...) فعبدالناصر كان رمزا سواء اختلفنا معه أم اتفقني.

والدكتور حسن مكي وجيله هم من هؤلاء الذين ترعرعوا تحت كنف الاستقطاب العالمي الشديد في ظل الحرب الباردة والتي بشكل او باخر اثرت علي ميولهم السياسية سلبا وايجابا وأختيارا. ونمو في ظل وتحت راعية كبار علي الاقل موثوق بهم مثلوا القدوة والمرشد، جيل افاق والدولة تصرف علي تعليمة في مدارس وجامعات نموذجية (علميا وثقافيا) وليس كالان، فقد حلت مدارس البيوت او بيوت المدارس سمها كيفما تريد فأي غرفتين (خلف خلاف) اصبحت مدرسة واي بيت من طابقين اصبح جامعة. فمن مقال لاحمد بهاء الدين ينتقد فيه سيد قطب وحركة الاسلام السياسي، تحسس د.حسن مكي ميوله السياسيه فهو من جيل القراء. ومن ندوة سياسية في بلدته الحصاحيصا أكتشف الحقيقة في دواخله وبأنه اصبح اخا مسلما. ومن مدرسة حنتوب فهم ماذا يعني ادب الحركة الاسلامية. فكم من جيل د.حسن مكي مر بنفس الظروف بالطبع الكثير، حتي أكاد ان اجزم بأنني لو سالت يساريا من نفس الجيل لقال نفس الشئ. أما نحن فلامر مختلف فلا الكتاب اصبح جاذبا ولا الندوات تقام، ولا المدارس باتت صروح للعلم والنقاش والحوار والتنظيم.
والاهم من هذا وذاك، فلجيل د.حسن مكي كبار كانوا محل اجلال مثلوا كما قلنا سابقا مثلا وقدوه ومرشدين، اما جيلنا فلا مرشد له، فقد اصبح الكبار محط شكوكنا وكثيرا من الاحيان اتهامنا، وكيف لا وهذا هو حال الحياة التي انتجوها لنا، وطننا يصارع التمزق وبلدا اصبح ساحة للقوي الخارجية تفعل به ما تشاء وجيلا تافه هامشي الاهتمامات لايعنيه الا نفسه، ناهيك عن الاحباط والمستقبل المظلم.

وفي مقدمة كتابه قصتي مع الحركة الاسلامية، كأن د.حسن مكي يشعر شعورا عميقا بما جره علينا جيله من مأسئ ويأثر عدم الحديث عن هذا، فيضع نفسه في المنزلة بين المنزلتين وكأنه يقول هذا ما كنا فيه اما الحاضر فامر اخر. ونحن نقول ليس الحاضر نتاج جيلك يا د.كتور حسن مكي من ابناء الاسلام السياسي وحسب بل الامر تعدي عندنا ليشمل كل الوان الطيف السياسي السوداني وكيف نلوم طيف دون اخر ألم تقل في مقدمتك ...(لان القائمين علي المشروع الاسلامي ليسوا من سكان المريخ او من كوكب اخر بل من هذا البلد الذي يسمي السودان..) فأن حكم الاسلاميين فلاخرون ايضا حكموا، وان أخطئوا فلانهم والاخرين من الاجيال السابقه يعانون من مشكلة ما في اليات تناول قضيايا السودان الاساسية واكتشاف النهج الصحيح والا لما كان الحال كما هو الان، لذلك فالجميع عندنا محل اتهام فلقد فشلتم في تقديم نموذج لاحترام الاخراي كان ، ولم تستطيعوا بناء اساسات دولة عصرية ننطلق منها بل لم تتركوا الحال علي ما كان عليه وسلمتمونا رايه مكسورا وتركتمونا في طريق مظلم دون دليل. فأن كان من سبقونا محل شكوكنا وأتهامنا فأسئل اللة أن لانكون محل لعنات من سيخلفوننا.

ونواصل مع د.حسن مكي.

أيمن حاج

تعليقات

المشاركات الشائعة