درس أخر من لبنان


الثورة البرتقالية درس اخرمن لبنان.


اصبحت الديمقراطية من اكثر المفاهيم تشوشا وغموضا خاصة ونحن نعيش العصر الامريكي، فعند من بيدة السلطة ثوب يفصل علي مقاسة تماما ليغطي عوراتة ويعكس فقط المعني الذي يخدم مصالحة، وعند المعارضة الشماعة التي تعلق عليها كل اوزار النظام وفي بعض الاحيان حتي حسناته حين يتهم بعدم الديمقراطية. وعند القوي العظمي حصان طروادة، وعند الضعفاء واجهه تحمي بها نفسها من جبروت الاقوياء. اما رجل الشارع في مرايا نفسه فهي قدركبير من الغموض واحيانا كثيرة كلمة تستخدم للتهكم (قال ديمقراطية قال).

مشكلة الديمقراطية الاساسية انها تحولت الي مجرد شكليات هذا علي الاقل في دول العالم الثالث، فالمعني والمفهوم وبالتالي الهدف من الديمقراطية في ابسط صورها ليس اكثر من ان يقول المرء ما يعتقد به قبله الاخرون اورفضوه، ان يؤمن الحاكم والمحكوم بأن له رأي ومن المحتمل ان يكون رأي الطرف الاخر هو الصواب، اما كيف نعبر عن ذلك او نطبق هذه الالية بمفهوم ويستمنستر للديمقراطية او بالنظام الرأسي الامريكي اوالمجلسي السويسري فلايهم ذلك كثيرا فالديمقراطية امر زماني ومكاني وليس منزلا المهم هو ان يكفل النظام التبادل السلمي للسلطة وحقوق الجميع، ولهذا عندما يقول جان جاك روسو صاحب نظرية العقد الاجتماعي الشهيرة ان الارادة العامة هي الارادة المطلقة صاحبة السيادة في الدولة وهي ارادة اغلبية الشعب فأن ذلك قانون عام متروكه كيفية التعبير وتطبيقة للشعوب بناء علي طبيعنها وظرفها الخاص.

الا ان القاعدة شذت في الظاهرة اللبنانية الاخيرة، قياسا علي شبيهاتها في الدول العربية او اغلبية دول العالم الثالث، فللمرة الثانية يعطي هذا البلد الصغير للجميع درسا بليغا خاصة لمن بيدهم السلطة، فالدرس الاول كان للشعوب وهو يسطر ملحمة الصمود والتصدي في وجه العدوان الاسرائيلي رغم عدم التكافئ ورغم كل النقد الموجة له من المغرضين والذين تساقطت عنهم اوراق التوت خاصة في الدول العربية فما بات يخجلهم انكشاف عوراتهم امام شعوبهم، والثاني وهو الابلغ حين يقدم اللبنانيون حكومة ومعارضة مثلا حيا عن السلوك الديمقراطي والنهج السلمي في كيفية التعبير، وذلك حين تنزل المعارضة الي الشارع مطالبة بما تراه دون خوف من ضرب او اعتقال اومطاردة، فتقابله الحكومة بسلوك مشابه حين تسمح بالتجمع وتفسح لها الطريق ويكون دور اجهزتها تنظيم المتظاهرين وحمايتهم. انه شئ اشبه بالثورة البرتقالية كما يسميها البعض في اوكرانيا ولكن علي الطراز اللبناني وبانغام الدبكة، ولكن هناك فرق فالثورة الاوكرانية التي غيرت الحكم سلميا، ايدها مايسمي بالمجتمع الدولي (الرسمي) ودعمها ليس من اجل عيون الديمقراطية بل لان من قادوها تقاطعت مصالحهم مع الغرب، اما عيون الديمقراطية فهي من اهتمامات المجتمع الدولي (الشعبي) والذي وللاسف لاصوت له.

ومع ان نفس السلوك يجري اتباعه الان في لبنان حكومة ومعارضة ، اي السلوك الديمقراطي السلمي، فان المجتمع الدولي (الرسمي) وتوابعة العربية تسلك سلوكا مغايرا تماما فتنمية الديمقراطية واشاعتها ليس الموجه الاساسي لسلوكها كما يشاع فهي تتبع فقط الطرق التي تؤدي الي تحقيق مصالحها، لذلك فأن الثورة البرتقالية اللبنانية يعتبرونها انقلابا علي الديمقراطية وحركة همجية وارتدادا الي الوراء، وهو كذلك في مخيلتهم لانها حركة ترعاها الروح الطائفية وتغذيها دول الشر بحسب تصنيفهم، مع انها ثورة شعبية تقودها احزاب لبنانية من كافة المشارب والمذاهب والطوائف والاديان اما المسكوت عنه فهو ان الحلفاء في خطر ويجب دعمهم بشتي السبل حتي ولو اهدرت الديمقراطية ومن جانب اخر فانها فرصة مواتية لاشاعة الفوضي وتشكيك الناس في الديمقراطية نفسها حين يحصدون منها الموت والدمار والاقتتال وهذا ما عجزوا عنه حتي الان بالسلوك الديمقراطي السلمي للحكومة والمعارضة.
ومن جانب ثالث فان ذلك المجتمع الدولي (الرسمي) يخشي من ان يتحول هذا الدرس الي شرارة انتشار الديمقراطية الشعبية سلميا في المنطقة برمتها الشي الذي يقود الي كسر هيمنته علي المنطقة وهذا خط احمر.
صحيح المعدن الاصيل دائما يظهر في الازمات فهذا هو لبنان الحقيقي بوجهه المشرق وليس كما يريد البعض ان يعلمنا مجرد حسناوات يتراقصن في الفضائيات وشباب قنع لاخير فيهم ارهقهم ثقل السلاسل علي اعناقهم، وبلد لمتعة اثرياء العرب يصرفون فيه دولاراتهم من اجل ملذاتهم، احدهم قال والطائرات الاسرائيلية تدك لبنان (واللة افسدت المقاومة علينا هذا الصيف) تفرجوا!!.

تحية لحكومة لبنان
تحية لمعارضة لبنان
تحية لحكومة السودان لمبادرة الصلح التي تبنتها رغم مالديها من مشاكل اسوء مما في لبنان.

ايمن حاج

تعليقات

لم نتمكن من نشر هذه المقالة في الصحافة السودانية لانها بحد قول الرقابة تحتوي علي محاذير؟؟

المشاركات الشائعة